بقلم : الأستاذ عبيد
يدرُج على ألسنة الناس في كثير من اللهجات الدوارج بالمغرب عبارة "عواشر مبروكة" أو "عواشر مبروكين" أو "مبروك العواشر"... وهذا تعبير مسكوك على غرار كثير من التعابير المسكوكة ذات الأصل القرآني الواضح أو الخفي إلا على عليم بالأصول، من مِثل قولهم "ما هي وما لونها" للأمور المشتبكة المعقدة، ومأخذها من سورة البقرة معلوم مشهور، وقولهم "بْالَّتي"، أي برفق، ومأخذه من قوله تعالى (بالتي هي أحسن)، أو قولهم "أعوذ بالله من قولة أنا"، في معرض التبرؤ من الأنانية أو إظهار السمعة، اختصارا من قول إبليس كما حكاه القرآن الكريم: (قال أنا خير منه)، وغيره كثير مما بينتُه في دراسة لي سابقة بعنوان: "حضور القرآن الكريم فـي مسكوكات العاميـة المغربية (مقاربـة لسانيـة اجتماعيـة)".
وبخصوص تهنئة "عواشر مبروكة" ورد في الدراسة: "العواشر ما تتم به العشرة. والمقصود هنا عواشر الليالي المباركة التي أقسم بها الله جل ثناؤه في قوله ﴿وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ (الفجر 1/2). وكما أن المفسرين اختلفوا في تحديد زمن تلك الليالي العشر، فإن العامة كذلك توسعت في استعمال هاته العبارة من خصوص المناسبة إلى عموم الأعياد والأيام الدينية المشهودة، لعلة المشابهة في شرف الزمان، كعيدي الفطر والأضحى، وأيام عرفة وعاشوراء والمولد النبوي الشريف وغيرها. ومن استعمالات رقيقي الدين فيها من باب التهكم قولهم في سياق الإنكار: "عْلَى خِيرْكْ أَ رْمضانْ نْصومْ عْواشْرْكْ" (عَلى خيرك يا رمضانُ أصومُ عواشرك)، كأن رمضان لا خير فيه لهم حتى تصام أيامه العشرة الأواخر، أو نافلة الستة من شوال التي تعقبه، فهي بمثابة جزء منه.